القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالة د . شهاب . المشكل والاشكالية.



مقالة د . شهاب . المشكل والاشكالية.

طرح المشكلة: 


إن الإنسان كائن مفكر دائم التساؤل سواء بدافع الفضول او الحاجة لها ، فهو يسعى دومـاً لايجاد حلول مقنعة ،فنجده يعطي العديد من التفسيرات و الاجوبة منها ما تتميز بالبساطة و اليقينية ومنها ما تتميز بالصعوبة و النسبية و الاختلاف ، فيعيد النظر فيها و يغير تصوراته حولها و هو ما يشير الى اختلاف من حيث التساؤلات فهناك أسئله نصل فيها الى  اجوبة نهائية علمية أو نظرية و في هذه الحالة نستعمل لفظ المشكلة بينما هناك تساؤلات و مسآئل مستعصية الحل لا نصل فيها الى اجوبة نهائية و الاجابة فيها تحتمل الصدق و الكذب فنتائجها تثير الشكوك و بتالي نستعمل لفظ الاشكالية ، اداً علمنا أنّ هناك فرق بين المشكلة و الاشكالية حيث أنّ الأولى لها حل بينما الثانية فلا ، لكن بما ان كلاهما يشيران الى التساؤل فهذا يعني ان بينهما علاقة معينة، فما هي طبيعة العلاقة بين المشكلة و الإشكالية او بعبارة اخرى كيف يمكن التمييز بين المشكل و الاشكالية؟
محاولة حل المشكلة: 
مواطن الاختلاف: 
لكي نميز بين المشكلة و الاشكالية و نحدد حقيقة كل منهما علينا أن نقف على نقاط الفصل بينها و المتمثلة في أوجه الاختلاف حيت نجد أن المشكلة عبارة عن تساؤل مؤقت يكون فيه الجواب مقنعا بعيدا عن الشك و التأويل لأنّها ليست قضية فلسفية بل مجرّد جمل من المباحث الحسيّه و المشكلة هي أساس التفكير كما قال  جون ديوي :" إن التفكير لا ينشأ إلا إذا وجت مشكلة " فمثلا المشاكل في الحساب تنتهي الى الحل باستثناء بعض المعادلات الرياضية و المشاكل المالية و الاقتصادية عموما و المشاكل في العلوم الطبيعية بمختلف أنواعها تنتهي جميعها الى نوع من الحل مادام الواقع الذي تطرح فيه ينتمي الى الواقع الموضوعي أما الاشكالية فإنها عبارة عن طرح تساؤل دائم و لا نصل فيه الى الحل و الاجابة تكون غير مقنعة كما وضحها جميل صليبا :  " الإشكالية عند الفلاسفة صفة لقضية لا يظهر وجه الحق فيها و يمكنها أن تكون صادقة إلا أنه لا يمكن أن نقطع بصدقها " ففعلا أن الاشكالية قضية تثير القلق و الباحث فيها لا يقتنع بالحل و يبقى مجال حلها مفتوح فإذا كانت المشكلة تعني صعوبة الحل فالإشكالية ليس لها حل و تعني الاحتمال و تعذر الاختيار نظرا للجدل القائم فيها فمثلا عندما نقول هل المال يجلب السعادة ؟ فهناك رأي أول يقول المال يحقق السعادة لأنه يمكن الانسان من تلبية حاجياته في حين نجد رأي ثاني يقول المال لا يجلب السعادة فهو يولد الاستغلال و فساد الاخلاق و رأي ثالث يقول أن المشكلة ليست في المال بل في صاحب المال و بهذا كوّنت إشكالية و بأحكام مختلفة و أحكام الاشكالية عند كانط هي " الأحكام التي يكون الايجاب أو السلب فيها ممكن لا غير  دون الحكم فيها بشكل نهائي " و يقول لالاند "الإشكالية على وجه الخصوص سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة لكن الذي يتحدث لا يؤكد صحتها
كما أن المشكل تمثل قضية جزئية غير متسعة تبحث في مجال ضيق و مغلق كالبحث في قضية العدالة و المساواة بين الأفراد ، أما الإشكالية فهي قضية أكتر اتساعا وشمولا كالبحت في أصل الكون و الخلق إضافة الى كون المشكلة عبارة عن فرع من الأصل الام و هي الاشكالية حيت تتضمن الاشكالية عدة مشكلات جزئية ، فمثلاً عندما نتساءل عن حكم الاستنساخ هل هو حلال أم حرام ؟ مضر أم نافع ؟ فان هذا السؤال يعالج و يدرس بطرق كثيره مجتمعة معاً ، طريقة دينية ... اجتماعية ... علمية ... ، ادن هذا السؤال متشعب و متفرع يدرس بطرق كثيرة متنوعه أمّا عن قولنا ماهي الشخصية ؟ و لماذا أعتبر الانسان كائن اجتماعي ؟ فان هذا السؤال مشكلة باعتبار مجاله محدود و ضيق 
 نجد المشكلة عبارة عن اضطراب لدى الانسان يثير من زاوية الدهشة ، لأنها لاتملك اثارة عقلية شديده ، فهي تثير عقل الانسان نسبياً و توقظ فكره في البحث عن الحلول و ازالة الجهل يقول كـآرل ياسبيرس " يدفعني الاندهاش الى المعرفة فيشعرني بجهلي " ، أما الاشكالية فهي اضطراب لدي الانسان من زاوية الاحراج و الاحراج حيرة عقلية زائدة تثير قلقا نفسيا و تشوشا منطقياً فالأسئلة التي تتناول العالم الميتافيزيقي غالبا ما تكون قضايا محيره عسيرة الادراك لا تملك جوابا كقولنا هل الحياة النفسية شعورية أم لاشعورية،  فادا كانت المشكلة ترتبط بالسؤال العلمي "وضعية عملية" لانّها تتناول العالم الطبيعي الملموس تعالج قضايا حسية فانّ الاشكالية تربتط بالسؤال الفلسفي فقط تتناول العالم الميتافيزيقي يهتم بالعالم المعنوي المـآورآئي فقط . 
مواطن الاتفاق : 
على الرغم من تعدد نقاط التباين بين المشكلة و الاشكالية إلا أن ذلك لا يعني الفصل بينهما فهناك نقاط عديدة من أوجه التشابه حيت نجد أن كلاهما يصاغ على شكل سؤال و كلاهما يطرح بطريقة استفهامية كالتساؤل عن تطور العلوم ؟ أو إشكالية المعرفة ؟ كما أنهما يثيران القلق اتجاه ظاهرة ما و يبحثان عن الحقيقة اليقينية وذلك بدافع الفضول المعرفي و يحملان نفس الغاية ألا وهي البحت عن الحقيقة و المعرفة ،
كلاهما يستدعي الى التفكير و يمثلان آلية معرفية قائمة على مبادئ العقل بعيدا عن السؤال الخرافي الساذج و اللاعقلاني 
علاقة بينهما :
من خلال وقوفنا على نقاط الاختلاف و نقاط التشابه بين كل من المشكلة و الاشكالية نصل الى أن المشكلة هي بؤرة التوتر التي تؤرق الانسان كما نعتبر المشكلة حجر الأساس في البناء المعرفي و هي التي تمد الفلسفة بالحياة كما قال أحد الفلاسفة " إن تناول الفيلسوف لمشكلة ما يشبه علاج أحد الأمراض"، و الإشكالية تطرح في صورة فكرية شاملة و تتجاوز ما هو فردي و خاص و تتناول المبادئ العامة  و من الأمثلة على دلك عندما نتساءل  ما هي الروح ؟ سؤال عبارة عن مشكلة لأنه قضية بسيطة وليست مركبة وإشكالية لأنه لا يقبل جوابا ، و الاستنساخ مشكلة من الناحية العلمية و إشكالية من الناحية الأخلاقية، لذلك نقول أنّ العلاقة التي تجمع بين المشكلة و الاشكالية هي علاقة الكل بالجزء حيث أنّ الاشكالية هي الأم التي يتفرع منه مجموعة مشكلات و عليه نقول أن الاشكالية تحوي أو تتضمن عدة مشكلات فلا يمكن فهم الاشكالية دون الوقوف على المشكلات الجزئية التي تتضمنها .


حل المشكلة :
نستنتج مما سبق أن العلاقة بين المشكلة و الاشكالية علاقة احتواء كعلاقة الانسان بالحياة فمهما تعمق الانسان في الفهم سيجد نفسه في لا متناهي من الغموض خاصة في المنطق و الميتافيزيقا ، فمن الرغم من وجود اختلاف بين المشكلة و الاشكالية إلا أن هذا لم يمنع من وجود أوجه التشابه و طبيعة العلاقة المتمثلة في علاقة الكل بالجزء فليست العلاقة بينهما انفصالية تماما و لا تطابقية تماما لكن يبقى هناك روابط و تداخل وطيد الصلة بينهما .


د . شهاب 

reaction:

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق