القائمة الرئيسية

الصفحات

العمل المسلح ورد فعل الاستعمار


تحميل الملف pdf  هنا

العمل المسلح ورد فعل الاستعمار
الإشكالية:
انطلقت الثورة التحريرية بإمكانيات محدودة جدا وكان عليها ضمان استمراريتها ونجاحها عن طريق تبني إستراتيجية محكمة تمكنها من مجابهة خطط الاستعمار الفرنسي للقضاء عليها.
- ما هي الإستراتيجية التي تبنتها الثورة ؟
- ما هو رد فعل الاستعمار؟
- وكيف استطاعت الثورة مواجهة السياسة الاستعمارية الوحشية للقضاء عليها ؟
إستراتيجية الثورة داخليا:
التعبئة الشعبية:
أ – التوعية: إقناع الشعب للالتحاق بالثورة وتقديم أشكال الدعم لها، تولت مهمتها جماعة من المناضلين المخلصين قبل بداية الثورة في كل الولايات ولكن بشكل محدود، وكانت المهمة الأولى لجبهة التحرير الوطني هي الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي.
ب - بيان أول نوفمبر: أصدرت"جبهة التحرير الوطني" أول تصريح رسمي لها يعرف بـ "بيان أول نوفمبر"، وقد وجهت هذا النداء إلى الشعب الجزائري مساء 31 أكتوبر 1954م ووزعته صباح أول نوفمبر، حددت فيه الثورة مبادئها ووسائلها، ورسمت أهدافها المتمثلة في الحرية والاستقلال ووضع أسس إعادة بناء الدولة الجزائرية والقضاء على النظام الاستعماري.
ج - الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين جويلية 1955م: ظهر الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين'' بعد مرور تسعة أشهر على اندلاع الثورة التحريرية، وكان يهدف إلى توحيد الاتجاه الطلابي في حركة طلابية واحدة، وربط مصير المثقف الجزائري بمصير شعبه المكافح، بحيث تزول جميع الفوارق التي هيأتها التقاليد الجامعية الفرنسية، ومن ابرر مظاهر نضالهم هو الإضراب العام للطلبة 19 ماي 1956 الذي برهن على تضامن الطالب الجزائري الصادق مع الشعب الجزائري الذي كان يقاسي الأهوال، كما أظهر استعداد الطالب الجزائري دخول ميدان الكفاح المسلح.
د - الإتحاد العام للعمال الجزائريين 24 فيفري 1956م: إن تأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين من قبل جبهة التحرير الوطني كان من أجل إعطاء نفس جديد للثورة، وتدعيم لصفوفها بواسطة جمع شمل الطبقة العاملة الجزائرية في تنظيم نقابي واحد، وأيضا لدفع هذه الشريحة الاجتماعية للمساهمة ليس فقط في الدفاع عن مصالح العمال المادية والاجتماعية، وإنما في النضال السياسي والكفاح المسلح من أجل تحرير الجزائر.
و - إضراب الثمانية أيام 28 جانفي 1957: بين احتضان الشعب للثورة، ومن ثمة تمسكه بمطلبه الأساسي المتمثل في استرجاع حقوقه المغتصبة تحت قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني، وقد أوضحت جبهة التحرير الوطني في نداء الإضراب الذي أصدرته، الأسباب والأهداف المرجوة من وراء هذا الإضراب.
كما اعتمدت الثورة وسائل أخرى أبرزها اللقاءات المباشرة بالشعب وإلقاء الخطب للتوعية ونشر البيانات والمناشير وإصدار الصحف والجرائد مثل جريدة المجاهد، بالإضافة للبث الإذاعي من القاهرة و تونس والإذاعة السرية صوت الجزائر الحرة.
التنظيم المؤسساتي:
أ - عقد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956م: كان له صدى كبير لأنه ضمن استمرارية الثورة بقراراته التي تضمنت إنشاء هياكل دائمة لها، وقد انعقد المؤتمر في نواحي إيفري بمنطقة الصومام، وشارك فيه عدد من قادة الثروة على رأسهم العربي ابن مهدي وعبان رمضان، وتمت فيه تحديد الأطر التنظيمية المهمة التي يجب إثراءها وصيغت هذه الأطر في قرارات سياسية وعسكرية مهمة ومصيرية، مست مختلف الجوانب التنظيمية للثورة الجزائرية السياسية العسكرية والاجتماعية والفكرية.
ب - الإعلان عن الحكومة المؤقتة 19 سبتمبر 1958م: تمَّ الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في القاهرة بتاريخ 19 سمتنبر 1958، وفي نفس اليوم صدر أول تصريح لرئيس الحكومة المؤقتة حدّد ظروف نشأتها والأهداف المتوخّاة من تأسيسها، وقد جاءت هذه الحكومة تنفيذا لقرارات المجلس الوطني للثورة الجزائرية في اجتماعه المنعقد في القاهرة من 22 إلى 28 أوت 1958، والذي كلف فيه لجنة التنسيق والتنفيذ بالإعلان عن تأسيس حكومة مؤقتة، استكمالا لمؤسسات الثورة وإعادة بناء الدولة الجزائرية الحديثة ووضعت الحكومة المؤقتة السلطة الفرنسية أمام الأمر الواقع، وهي التي كانت تصرح دائما أنها لم تجد مع من تتفاوض، وعرفت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ثلاث تشكيلات من 1958 إلى 1962.
المخططات العسكرية:
أ - تحديد خريطة المناطق: تم تعيين القادة بشكل نهائي، ووضعت اللمسات الأخيرة لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر 1954.
- المنطقة الأولى- الأوراس : مصطفى بن بولعيد. 
- المنطقة الثانية - الشمال القسنطيني: ديدوش مراد.
- المنطقة الثالثة - القبائل: كريم بلقاسم.
- المنطقة الرابعة - الوسط: رابح بيطاط.
- المنطقة الخامسة - الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي.
ب - تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية: كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954 كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع، يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة.
ت – اندلاع الثورة الجزائرية: كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط، وكانت الهجمات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح إستراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذ عليها الكولون، وقد شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس.
ث - اعتماد أسلوب حرب العصابات: حرب العصابات هي تعبير يطلق على نمط من القتال، يرتكز على الهجوم المباغت، والكمائن وهو الأسلوب الذي اعتمده جيش التحرير نظرا لقلة إمكانياته أمام الجيش الفرنسي المجهز بأحدث الأسلحة حيث تتركز العمليات الحربية للثوار خلف خطوط العدو، مما يمكنها من الانقضاض المفاجئ عليه، وتدمير إمداداته، وقد استغل الثوار التضاريس الطبيعية في عمليات الهجوم والانسحاب أو الاختفاء في مناطق بعيدة عن متناول القوات النظامية كالجبال والغابات والوديان.
ج - هجومات 20 أوت 1955م: تمثلت هجومات 20 أوت في عمليات واسعة النطاق قادها زيغود يوسف، وجند لها عدد من أفراد الشعب بوسائل بسيطة في الشمال القسنطيني، وقد ألحقت هذه العمليات خسائر معتبرة بالفرنسيين وكانت تهدف إلى:
- تأكيد قوة الثورة وإستمراريتها وشعبيتها.
- تخفيف الضغط على منطقة الأوراس بتشتيت قوة المستعمر.
- الرد على عمليات الإبادة والتقتيل والاعتقالات الجماعية.
- الرّد على افتراءات المستعمر بخصوص الثوار.
- رفع معنويات الجزائريين حتى لا يصابوا بحالة اليأس نتيجة الدعاية الاستعمارية.

- إسماع صوت الجزائر دوليا ومحليا وتأكيد التضامن النضالي بين بلدان المغرب العربي حيث صادف هذا الهجوم الذكرى الثانية لنفي الملك المغربي محمد الخامس.
ويمكن القول أن هجومات الشمال القسنطيني حققت أهدافها خاصة أنها زادت التلاحم بين الشعب والثوار ورفعت القضية الجزائرية في المحافل الدولية وهذا رغم رد فعل الاستعمار الوحشي.
د - معركة الجزائر: بعد مؤتمر الصومام رأت قيادة الثورة ضرورة نقل الثورة إلى المدن، أين تتواجد الصحافة العالمية وتتمركز الدوائر الاستعمارية الرسمية ويقصد بمعركة الجزائر العاصمة، تلك العمليات الفدائية الجريئة التي عاشتها العاصمة نهاية سنة 1956 إلى غاية سبتمبر 1957، والتي جاءت استجابة لتوجيهات لجنة التنسيق والتنفيذ بعد المصادقة على قرارات مؤتمر الصومام، إذ استقر الشهيد العربي بن مهيدي بالعاصمة رفقة بن يوسف بن خدة وعبان رمضان وتمكّن من تأطير خلايا الفدائيين وتنظيم العمليات العسكرية في شوارع وأحياء العاصمة، وشملت العمليات وضع قنابل متفجرة في مراكز تجمع الجيش الفرنسي، "الحانات، ومراكز الشرطة" مثل تفجير كازنيو لاكورنيش 9 جوان 1957 واغتيال بعض الخونة وطغاة المعمرين، وتكلف الجنرال بيجار وماسو بالقضاء على معركة الجزائر مستخدمين كل الوسائل: المداهمات، التعذيب الوحشي، الاغتصاب، الاختطاف ...
مواجهة العمليات العسكرية الكبرى
تمثلت إستراتيجية جيش التحرير الوطني في مواجهة العمليات العسكرية الفرنسية في زيادة العمليات الفدائية وإعادة تنظيم كتائبه إلى فرق صغيرة للدخول في حرب عصابات طويلة المدى. وقد وضعت مخططات للمواجهة الميدانية عمت جميع الولايات والمناطق.كما تم فتح جبهة جديدة في فرنسا نفسها.
و - مؤتمر الصومام 20 أوت 1956: لقد كان مؤتمر الصومام ضرورة لتقييم المرحلة الأولى من الثورة المسلحة ،ولوضع الخطوط العريضة لمواصلة الكفاح المسلح والتخطيط للحل السلمي من أجل استرجاع السيادة الوطنية كما أنه كان إجراء حتميا لتزويد الثورة بقيادة مركزية وطنية موحدة تقوم بتنظيم وتسيير الكفاح المسلح زيادة على توحيد التنظيم العسكري وتحديد المنطلقات السياسية والإيديولوجية التي تتحكم في مسار المعركة وتوجهها.وكذلك تدارك النقائص خاصة فيما يخص نقص التموين وقلة التمويل وضعف الاتصال بين المناطق، وانعقد المؤتمر في نواحي إيفري بمنطقة الصومام وقد شارك فيه عدد من قادة الثورة على رأسهم العربي ابن مهدي وعبان رمضان واتخذت فيه عدة قرارات سياسة وعسكرية متعلقة بالثورة أبرزها ما يلي:
- إصدار وثيقة سياسية شاملة: تعتبر قاعدة إيديولوجية تحدد منهجية الثورة المسلحة مرفقة بتصور مستقبلي للآفاق والمبادئ والأسس التنظيمية للدولة الجزائرية بعد استعادة الاستقلال.
- تقسيم التراب الوطني إلى ست ولايات: كل ولاية تتضمن عددا من المناطق والنواحي والأقسام وجعل العاصمة منطقة مستقلة، وهذا كله من أجل تسهيل عملية الاتصال والتنسيق بين الجهات.
- توحيد التنظيم العسكري: وذلك من خلال الاتفاق على مقاييس عسكرية موحدة لمختلف الوحدات القتالية لجيش التحرير الوطني المنتشرة عبر ربوع الوطن، فيما يتعلق الأقسام الرتب والمخصصات والترقيات والمهام والهيكلة.
- التنظيم السياسي: تناول فيه المؤتمرون التعريف بمهام المحافظين السياسيين والمجالس الشعبية واختصاصاتها والمنظمات المسيرة للثورة وكيفية تشكيلها.
- تشكيل قيادة عامة موحدة للثورة: مجسدة في كل من المجلس الوطني للثورة وهو بمثابة الهيئة التشريعية، ولجنة التنسيق والتنفيذ كهيئة تنفيذية لتسيير أعمال الثورة.
- علاقة جيش التحرير بجبهة التحرير: تعطى الأولوية للسياسي على العسكري، وفي مراكز القيادة يتعين على القائد العسكري السياسي أن يسهر على حفظ التوازن بين جميع فروع الثورة.
- علاقة الداخل بالخارج: تعطى الأولوية للداخل على الخارج، مع مراعاة مبدأ الإدارة المشتركة.
- أمور مختلفة: تمثلت بصفة خاصة في توقيف القتال، المفاوضات، الحكومة المؤقتة.
لقد مكن مؤتمر الصومام الثورة من وضع جهاز تنظيمي شامل حدد مسارها وأعطاها دفعا جديدا كان من أبرز مظاهره ازدياد التجاوب الشعبي مع الثورة وكسب المزيد من العطف الدولي اتجاه القضية الجزائرية.
إستراتيجية الثورة خارجيا:
التمثيل الدبلوماسي:
الغرض منه هوا لتعريف بالثورة في الخارج أنها ثورة شعب وليست شأن فرنسي داخلي، وفضح السياسة الفرنسية وتذكير العالم بمواثيقه في تقرير المصير وحقوق الإنسان وكسب تعاطف الرأي العام على الدعم المادي والمعنوي والضغط على فرنسا وهذا عن طريق تعين ممثلين للثورة في الدول التي تتعاطف مع الثورة الجزائرية كالبلدان الشقيقة والصديقة بعقد الندوات والمؤتمرات والكتابة في الصحف والملصقات وتعين ممثلين في أروبا بما فيها فرنسا وايطاليا وسويسرا ...
تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية:
كان هدف النضال السياسي تدويل القضية الجزائرية وتفنيد أطروحة فرنسا القائلة أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا ا لذا كان من الضروري على جبهة التحرير الوطني الجزائرية نقل القضية الجزائرية في المحافل الدولية حيث امتد صوتها من القاهرة إلى باندونغ ثم إلى هيئة الأمم المتحدة، وذلك بغية التعريف بها ومحاولة إقناع الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي بعدالة الثورة الجزائرية وأحقيتها في النضال على أساس أن هدفها النبيل الاستقلال.
إستراتيجية فرنسا للقضاء على الثورة:
واجهت فرنسا اندلاع الثورة التحريرية في أوّل نوفمبر 1954 بوسائل شتى: عسكرية، سياسية، إعلامية، دعائية ودبلوماسية، وجاءت ردود الأفعال الفرنسية سريعة لاحتواء الوضع وتغليط الرأي العام، وقد حاولت في البدء التقليل من الصدمة التي أصابت فرنسا الاستعمارية فاعتبرت الأحداث محدودة التأثير ومن فعل بعض الخارجين عن القانون، غير أن تطور الثورة واشتداد نار لهيبها جعل ساسة فرنسا وقادتها العسكريين يتخذون عدة إجراءات بالجزائر لمواجهة الأحداث وأهم مظاهر السياسة الفرنسية للقضاء على الثورة، ويمكن تلخيصها في:
- زيادة عدد افرد الجيش بعدما كانت تقدر ب 54 ألف جندي في شهر جوان 1954 يضاف إليها عشرة ألاف شرطي، ارتفع هذا العدد مع بداية نوفمبر 1954 إلى 62000 جندي والتي بلغت في مطلع عام 1955 إلى 80000 جندي، مدعمين بفيلق من المظل لتصل في عهد دوغول إلى حوالي 800 ألف جندي.
- إعلان حالة الطوارئ: وهو عبارة عن جملة من الإجراءات القانونية التعسفية والقمعية وضعتها السلطات الفرنسية الاستعمارية مع مطلع عام 1955 لخنق الثورة قبل استفحالها، وافق عليه البرلمان الفرنسي في 1 أفريل 1955. حددت مدة تطبيقه بستة أشهر قابلة للتجديد، وهي مدة كافية حسب الإدارة الفرنسية للقضاء نهائيا على الثورة.
- إقامة المحتشدات: كانت إحدى الوسائل القمعية الرهيبة التي لجأت إليها سلطات الاحتلال الفرنسي قصد خنق الثورة وذلك عن طريق تجميع سكان الأرياف وحشدهم في مناطق معينة لمراقبتهم لعزلهم عن الثورة وقد قامت بإنشاء العديد من هذه المحتشدات التي لم تنحصر في منطقة معينة بل عمت كافة أرجاء الوطن.
- فتح المعتقلات: كانت المعتقلات أشبه إلى حد كبير بالمحتشدات ولها نفس الهدف الذي تأسست من أجله والرامي إلى القضاء على الثورة من خلال اعتقال أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع الجزائري.

- المناطق المحرمة: وهي المناطق التي اعتبرت إستراتيجية بالنسبة لجيش التحرير الوطني خاصة في علاقته بالشعب، ولذلك عمدت السلطات الاستعمارية إلى اعتبارها مناطق محرمة، أي تمنع الإقامة والسكن فيها أو حتى عبورها، وصادق مجلس الوزراء الفرنسي في اجتماع 19 فبراير1958 على إنشائها وامتدت خريطة المناطق المحرمة من الأوراس إلى الحدود المغربية مرورا بجبال الشمال القسنطيني والقبائل والونشريس ورقعة شاسعة من الصحراء.
- المصالح الإدارية المختصة: أنشئت هذه المصالح سنة 1955 من قبل الحاكم العام الفرنسي بالجزائر جاك سوستال، وتمثلت مهمتها في تكثيف العمل الاجتماعي والسيكولوجي للجيش الفرنسي في الأوساط الجماهيرية الجزائرية في الأرياف والمدن بقصد عزلها عن جبهة وجيش التحرير الوطني، وقطع صلة الشعب بالثورة. وكانت السلطات الاستعمارية ترمي، من وراء تكثيف تواجد مراكز الصاص، إلى خلق شبكات تجسس ومراقبة الشعب وزرع الخوف لمنع الجزائريين من دعم ثورتهم.
- إنشاء خطي موريس وشال:هي خطوط مكهربة وملغمة الهدف من إنشائها عزل الثورة عن تونس شرقا وعن المغرب غربا، انطلقت به الأشغال في أوت 1956، ويمتد الخط شرقا على مسافة 750 كلم من عنابة شمالا إلى نقرين جنوبا وعرضه من 30 م إلى 60 م وغربا على نفس المسافة (750 كلم) ويمتد من الغزوات شمالا إلى بشار جنوبا.
- استعمال الأسلحة المحرمة: لقد استعمل الجيش الفرنسي في حربه المدمرة ضد الثورة الجزائرية كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، ومن أهم هذه الأسلحة السلاح الكيماوي الذي كان يتشكل في غالبيته من الغازات السامة القاتلة والمتفجرات الحارقة والنابالم فهو الآخر سلاح مميت وقاتل عانت منه القرى والمداشر الجزائرية.
- استعمال التعذيب: التعذيب عبارة عن عملية استنطاق يتعرض لها كل جزائري يشتبه في انتمائه للثورة أو دعمه لها، وتعتمد هذه العملية على عدة أساليب غير إنسانية ولا أخلاقية، هدفها هو الضغط على المسجون أو المعتقل وإجباره بوسائل التعذيب الاعتراف بما لديه من معلومات تفيد السلطات الاستعمارية لكشف أسرار الثورة وتحركات المجاهدين.
الجنرال دوغول وسياسته الاستعمارية:
في 13 ماي 1958 استولى قادة الجيش الفرنسي العامل في الجزائر منهم صالان، وماسو على مبنى الحكومة في الجزائر وطالبوا بتسليم السلطة لدوغول لأنهم رأوا فيه الشخصية القادرة على إخراجهم من المستنقع الذي أوقعتهم فيه الثورة وأدت هذه الأحداث إلى تسلم دوغول السلطة بعد استدعائه من طرف البرلمان في جوان 5819 وتم وضع دستور جديد لفرنسا منح للرئيس سلطات استثنائية أصبح ساري المفعول ابتداء من 28 سبتمبر 1958 بعد أن عرض على الاستفتاء وحصل على الأغلبية، وقامت سياسة دوغول في الجزائر على المزج بين العمل العسكري والسياسي والإغراءات الاقتصادية والاجتماعية.
العمليات العسكرية الكبرى:
نفذت هذه العمليات مباشرة مع مجيء الجنرال دوغول للحكم، وتعين الجنرال شال قائدا عاما للقوات العسكرية في الجزائر، حيث قدم هذا الأخير مخططا عسكريا للقضاء على الثورة الجزائرية بشن عمل عسكري عبـارة عن آلة ضاغطة (Rouleau Compresseur) تشن وبصورة تمشيطية على كل القطر الجزائري وتعتمد على البحث عن المعلومات ومتابعة عناصر جيش التحرير الوطني ومراقبة السكان، ووضع برنامج مكثف ينفذه أكثر من 600 ألف جندي من المظليين والمشاة وغيرهم مختصين في حرب العصابات إضافة إلى دعم العتاد من طائرات ومصفحات وغيرها واهم هذه العمليات.
- عملية التاج Couronne) فيفري 1959) بالولاية الخامسة وجزء من الرابعة.
- عملية الحزام (Courroie) (1959) بالولاية الرابعة وجزء من السادسة.
- عملية المنظار Jumelles) جويلية 1959) بالولاية الثالثة وجزء من الرابعة وجزء من الثانية والأولى.
- عملية الأحجار الكريمةPierres Précieuses) سبتمبر 1959) بالولاية الثانية والقاعدة الشرقية، وجزء من الولاية الأولى.
- عملية الشرارة (1959Etincelles) () وعمت أجزاء من الولايات السادسة والرابعة والثالثة والأولى.
- عملية اللهب (Flammèche) (جوان 1960) بالولايات السادسة والأولى.
- عملية الصرصور(Cigale) جويلية 1960 بالولايات الرابعة والسادسة والخامسة.
- عملية المراطون (Marathon1960) جرت على الحدود الجزائرية التونسية.
مشروع قسنطينة:
استخدم دوغول في هذا المشروع وسائل (التهدئة) للقضاء على الثورة الجزائرية وخلق فئة من المتغربين الجزائريين يحكم من خلالها الجزائر بعد أن يتمكن من تدجين الشعب الجزائري، ووضع مشروع قسنطينة الذي كان يهدف إلى فصل الشعب عن الثوار وبالتالي كان مشروع استعماري دعائي أكثر منه مشروع اقتصادي اجتماعي كما جاء بعد فوات الأوان وقد تضمن:
- بناء 200 ألف مسكن لإيواء مليون شخص.
- توزيع 250 ألف هكتار من الأراضي على الجزائريين.
- توظيف الجزائريين ضمن إطارات الدولة الفرنسية بنسبة 10% في الإدارة والجيش والتعليم.
- تمدرس مليون ونصف طفل في المدارس من بين الأطفال الذين بلغوا سن التعليم.
- تسوية المرتبات والأجور في الجزائر مع مرتبات وأجور فرنسا.
- إيجاد 400 ألف وظيفة جديدة بواسطة إيجاد معامل عديدة تهدف إلى تصنيع الجزائر.
سلم الشجعان (La paix des braves):
هو النداء الذي وجهه دوغول في 23 أكتوبر عام 1958 إلى جيش التحرير الوطني بكل فئاته دون أن يستثني الطبقات السياسية وقد دعاهم فيه إلى الاستسلام في أقرب الآجال ويكون ذلك عن طريق رفع الأعلام البيضاء.
تقرير المصير:
في تصريح 16 سبتمبر 1959 اعترف دوغول لأول مرة بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره بنفسه بعد استفتاء الجزائريين لاختيار بين واحد من المسائل الثلاثة: مسألة الانفصال عن فرنسا أو مسألة الإدماج مع فرنسا أو مسألة الفدرالية مع فرنسا. 
الجزائر جزائرية (L'Algérie algérienne):
مصطلح سياسي نادى به الجنرال شارل دوغول وكان يهدف من ورائه إلى تهميش جبهة التحرير الوطني والعمل على تكوين جزائر بدونها.
خاتمة:
إن تجاوز الخطط الاستعمارية كان السبيل الوحيد الذي يضمن استمرارية الثورة ونجاحها وهذا ما تحقق بالفعل سنة 1960 عندما قبلت فرنسا التفاوض مع جبهة التحرير الوطني وكان ذلك بمثابة الخطوة الأولى في طريق استعادة السيادة الوطنية.
reaction:

تعليقات